حين تتكلم الخيول بلغة الشفاء

21-11-2025  آخر تحديث   | 21-11-2025 نشر في   |  أحمد      بواسطة | آواز دي وايس 
حين تتكلم الخيول بلغة الشفاء
حين تتكلم الخيول بلغة الشفاء

 


راتنا جي تشوتراني/حيدر أباد

لا يمكن إنكار أن كل شخص يحتاج بين حين وآخر إلى الاطمئنان على صحته النفسية، وبالنسبة للكثيرين يكون العلاج بالخيول هو طريقهم إلى الراحة والسكينة. وتعمل منظمة" Trot and Talk"، التي أسستها فارسة شابة من حيدر آباد ومتخصصة في تدريب خيول السباق، على تقديم جلسات علاجية للأطفال والشباب من ذوي الإعاقات أو التحديات النفسية باستخدام الخيول.

وتوفّر هذه المبادرة مأوى لآلاف خيول السباق المتقاعدة، وفي الوقت نفسه تُسهم في تحسين حياة الأشخاص الذين قد لا يملكون القدرة أو التمويل للحصول على المساعدة المهنية.

وإذا لم تسمع من قبل بالعلاج بمساعدة الخيول، فأنت لست وحدك. وباختصار، هو نوع من العلاج العملي الذي يعمل فيه الحصان مع أخصائي نفسي مُدرّب، بهدف تحقيق فوائد علاجية تساعد الشخص على التحسن.

نشأت نمره مرزا، ابنة لاعب البولو عادل مرزا، بين الخيول منذ طفولتها، وهذا ما ألهمها لإطلاق هذه المبادرة. تقول نمرة:: "نشأتُ على إيقاع خطوات الخيول، فوالدي كان لاعب بولو وكانت الخيول في منزلنا دائمًا. تعرّفتُ إليها وأنا صغيرة جدًا، إذ لم يكن والدي يركب الخيل فقط بل يملكها أيضًا، لذلك كان صوت وقع الحوافر جزءًا طبيعيًا من حياتي".

وما زال قلب نمره ينبض على وقع خطوات الخيل، وهي ترغب في مشاركة تلك التجربة التي غيّرت حياتها مع الآخرين. فهي لا تقدّم العلاج النفسي للأطفال وكبار السن فقط، بل تزرع أيضًا حب الخيول في نفوس الأطفال والنساء بشكل خاص.

وتقول نمره إنها بطبيعتها إنسانة عاشقة للخيول. فقد ارتبطت بها منذ زمن طويل، لأنها جزء من حياتها في نادي الفروسية الذي تتدرب فيه، ولذلك تحمل حبًّا كبيرًا وشغفًا عميقًا تجاه الخيول.

وتحمل نمره درجة الماجستير في علم النفس، إلى جانب شهادات في الإرشاد النفسي وتقنية الحرية العاطفية، كما تمتلك اعتمادًا في التعليم والعلاج بمساعدة الخيول، مما يمكّنها من توظيف الخيل في مساعدة الناس على التعافي والدعم النفسي.

وتقول نمره إنها انجذبت إلى البحث عن طرق تساعد الناس على الشفاء والنمو، لأنها مرّت بنفسها بنوبة قلق خفيفة، وكانت الخيول هي مصدر السكينة والراحة لها.

وتوضح أن العلاقة بين الإنسان والحصان علاقة عميقة تقوم على الثقة المتبادلة؛ فالتعامل مع الحصان يفرض على الشخص أن يكون حاضرًا بالكامل، مما يخفّف من القلق والمشاعر الثقيلة ويمنحه شعورًا بالطمأنينة والسكينة. 

واكتشفت نمره، بعد خبرتها في المستشفى ومركز الإرشاد وارتباطها بالخيول، أن الخيول تمنح طريقًا أعمق للصحة النفسية، مما ألهمها تأسيس مبادرة "Trot and Talk" لنشر الوعي حول الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الخيول في الصحة النفسية والعاطفية والجسدية للإنسان. وتقول إن الخيول رفقاء يعلّمون ويمنحون الشفاء.

وتنظّم نمره ورشًا تفاعلية توعوية للتعريف بدور الخيول في دعم الإنسان، وتعمل مع البالغين الذين يواجهون القلق والضغوط، ومع الأطفال المحتاجين لبيئة آمنة، ومع أصحاب التحديات الجسدية، إضافة إلى مجموعات مجتمعية متنوعة.

ويمنح لمس الحصان أو إطعامه أو السير معه أو ركوبه، المشاركين في الجلسات العلاجية، شعورًا بالوعي الذاتي. وتعدّ نمره أول من تبنّى استراتيجية التعلّم والعلاج بمساعدة الحيوان في حيدر آباد، وهي تُنظّم ورش عمل حوله بشكل منتظم اليوم.

وتوضح نمره أن الخيول تتمتع بحسّ عالٍ تجاه التغيّرات الدقيقة في محيطها، بما في ذلك لغة الجسد ونبرة الصوت والحالة العاطفية لدى الإنسان. وهذه الحساسية تجعلها مثالية للعلاج بمساعدة الخيول، إذ تساعد الأشخاص على زيادة وعيهم العاطفي وتعزيز توازنهم النفسي.

وتستقبل نمره اليوم بالغين يعانون من مشكلات نفسية، إضافة إلى أطفال يعانون من اضطرابات عصبية شديدة، وتتراوح أعمارهم بين عامين و70 عامًا. وتقول: "هناك أطفال غير ناطقين يخافون من الخيول ولا يستطيعون النظر في العين، لكنهم مع الوقت ينتهون إلى احتضان الخيول لوقت طويل.

 وتوضح نمره أن بعض الأطفاليتوقفون أحيانًا عن تكرار الحركات أو الأصوات — وهو أمر شائع لدى الأطفال المصابين بالتوحّد — ويهدؤون تمامًا، فيتفاجأ الأهل لأنهم لا يجدون تفسيرًا واضحًا لحدوث هذا التغيّر.

توضح نمره أن الأطفال يصبحون أكثر تعبيرًا وثقة بفضل العلاج بالخيول، مشيرةً إلى أن هذا العلاج يختلف عن مجرد قضاء الوقت قرب الخيول، فهو يشمل الركوب أو التفاعل المباشر معها. وتشرح أن الإيقاع الطبيعي لحركات الخيول يمنح هدوءًا. وهذا الإيقاع المنتظم يمنح شعورًا بالهدوء ويمكن أن يكون علاجيًا. ، ويتم اختيار الخيول وفق احتياجات كل طفل وحدوده العاطفية.

اقرأ أيضًا: الهند تطلق أول علاج جيني بتقنية كريسبر لعلاج فقر الدم المنجلي

وعند سؤالها عمّا إذا كان هذا النوع من العلاج فعّالًا، تقول: "تخيّل أن يحتاج طفلك للعلاج ويجلس في غرفة مغلقة ذات أربعة جدران بيضاء، مقابل كونه في مركز فروسية جميل بين الخيول والإسطبلات. نحن نؤمن بأن هذا العلاج أفضل بعشر مرّات من الأساليب التقليدية".