الشعر ناقل للحضارات ملتقيات إفريقيا نموذجًا

28-07-2025  آخر تحديث   | 28-07-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | يوسف أبو لوز 
الشعر ناقل للحضارات ملتقيات إفريقيا نموذجًا
الشعر ناقل للحضارات ملتقيات إفريقيا نموذجًا

 


يوسف أبو لوز

كانت الحضارات والثقافات تنتقل من مكان إلى آخر عبر طرق التجارة، مثل طريق الحرير الذي يربط بين الشرق والغرب، وكانت الفنون والآداب والعلوم تجد طريقها إلى قارّات العالم عبر الرحّالة والمستكشفين، وبعد الكثير من البحوث والدراسات، وظهور ثقافة الترجمة بشكل خاص، سنعرف أن من أهم وسائط نقل الحضارة والثقافة هو الشعر.

تنظم دائرة الثقافة في الشارقة منذ سنوات، فعالية عالمية منتظمة تتمثل في ملتقيات الشعر العربي في إفريقيا، وهو الفن الاستثنائي عند العرب، حتى اكتسب مرتبة أولية هي الديوان، ديوان الهوية واللغة والشخصية الحضارية والمدنية للعرب.

ينقل الشعر لغة العرب وحضارتهم إلى إفريقيا، وإلى قارّات العالم كلّه عبر الملتقيات والمهرجانات التي يجري تنظيمها في مدن وعواصم العالم في الشرق والغرب، وهو ناقل لغوي جمالي يستطيع "الآخر" من خلاله معرفة الروح الإنسانية والجمالية في الحضارة العربية الإسلامية.

لقد عرفنا الكثير من ملامح الهويات الشرقية والغربية من خلال الشعراء، أو تحديدًا من خلال النصّ الشعري الذي يشكل تاريخًا فنيًا وأدبيًا لهذه الهويات.

عرفنا روح الهند من خلال طاغور أكثر مما عرفناها من المؤرّخ السياسي أو الرسمي في بلد متعدد اللغات والمعتقدات، كما عرفنا داخل الروح الصينية واليابانية والأوروبية من خلال الشعراء، أكثر مما عرفناها من خلال الباحث الأكاديمي أو عالم الاجتماع.

يحمل الشعر روح لغته ويذهب بها إلى آسيا وإفريقيا وكل جهات أوروبا وأمريكا والغرب كله، سواء أكان غرب الثقافة أم كان غرب الاستعمار أم غرب النقيض الحضاري لنا، والمهم هنا أن الوسيط الذي يحمل الحضارة واللغة والثقافة الذي هو الشعر، لا يشكل نوعًا من الصراع أو المواجهة مع الآخر الغربي أو الشرقي، بل الشعر هو الفن الإنساني اللغوي الجمالي الذي تتأكد من خلاله القيم الجميلة المعاصرة، مثل قيمة الحوار والصداقة والتكامل البشري والثقافي والإنساني.

اقرأ أيضًا: الموسيقى والسينما الهندية: جسر ثقافي عبر الشاشة الفضية

هكذا، نقرأ الدور المعرفي والحضاري الاستثنائي الذي يتمركز في مشروع الشارقة الثقافي، ومن روافعه هذه الملتقيات الشعرية في القارّة الإفريقية التي يكتب مبدعوها الشعر باللغة العربية الفصحى، ونحن العرب أيضًا نقرأ شعرنا العربي بلساننا العربي في القارّة السمراء ذات المشتركات التاريخية مع الثقافة العربية.

هويتنا العربية يعرفها الآخر الإفريقي والآسيوي والأوروبي عبر الشعر، لا عبر الخطابات الأيديولوجية والتسييس العرقي أو الإثني أو الجهوي، وهو دور حضاري نبيل لمشروع الشارقة الثقافي في الوطن العربي وفي العالم.